سورة آل عمران - تفسير التفسير القرآني للقرآن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10)}.
التفسير:
وهذا عرض لبعض ما يقع في يوم البعث، وما يلقى فيه الذين كفروا باللّه وباليوم الآخر من نكال وبلاء، حيث يدعّون إلى نار جهنّم دعّا.
فلا يغنى عنهم في ردّ هذا البلاء ما كان لهم من مال وبنين، ومن أهل وصديق، فلقد أفردوا من كل شىء، وصفرت أيديهم من كل شىء، ومنادى الحق يناديهم {لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً} [48: الكهف].. وفى هذا ما يفتح أنظار الغافلين عن هذا اليوم، إلى ما فيه من أهوال ونكال، لأهل الزيغ والضلال، فيحذرون هذا المصير المشئوم.


{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (11)}.
التفسير:
الدأب: السعى، والعمل، والحال الذي يبلغه المرء بسعيه وعمله.
وقد ضرب اللّه سبحانه وتعالى للكافرين مثلا بآل فرعون- وهم جماعة الفراعين- الذين استكثروا من الدنيا، وبلغوا من السلطان والقوة ما بلغوا، حيث استطالوا بما في أيديهم من سلطان وقوة، وقال قائلهم للناس ما حكاه القرآن عنه: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى} [24- 25]: النازعات.
هكذا يغرى السلطان ويغوى، إلّا من عصم اللّه، وقد كان فرعون مثلا بارزا للكفران بنعمة اللّه، والاغترار بما مكّن اللّه له في الأرض. فقال تعالى: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} [10- 14: الفجر].
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي الذين سبقوا هؤلاء الفراعين في الضلال والعتوّ، إذ ليس هؤلاء الفراعين هم أول من حادّ اللّه وكفر به، فالكفر قديم في الناس، لا يسلم منه جيل من أجيالهم {إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [34: إبراهيم].
وهؤلاء الكفرة جميعا- قريبهم وبعيدهم، سابقهم ولاحقهم- لن يفلتوا من قبضة اللّه، ولن ينجوا من عذابه.. {فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ} إذ انقطع عملهم من الدنيا، وصاروا إلى اللّه بما اقترفوا من أوزار، يحملونها على كواهلهم إلى يوم الجزاء، حيث ينزل بهم العذاب الأليم بما حملوا من كفر غليظ! وفى هذه المثل، وتلك النذر، عبرة لهؤلاء الكفار الذين أعنتوا رسول اللّه، واستطالوا بقوتهم على ضعاف المسلمين بمكة، وسلطوا عليهم ألوانا من العذاب والنّكال.. فلينظروا إلى ما نزل بمن كانوا أشدّ منهم قوة وأكثر بأسا، وأوسع سلطانا.. كيف أخذهم اللّه، فلم يغن عنهم ما كسبوا من اللّه شيئا.


{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (12)}.
التفسير:
فى سكرة السلطان، يفقد كثير من الناس صوابهم، ويضل عنهم رشدهم، فتمرّ بهم العبر وهم عنها غافلون.
وفيما ذكر اللّه سبحانه- مما أخذ به الطغاة والظلمة، ما فيه عبرة ومزدجر للطغاة والظلمة، من كفار مكة.. ولكنهم في سكرتهم يعمهون.
وإنه لكى تنقطع أعذارهم ولا يكون لهم على اللّه حجة، فقد أمر اللّه نبيّه عليه السّلام، أن يلقاهم صراحة بهذا النذير، وأن يقرع آذانهم بما ينتظرهم من مصير مشئوم، إن هم ظلّوا على ما هم عليه من عمى وضلال.. {سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ} فلا حظّ لهم في الدنيا ولا في الآخرة.
إذ لا يعصمهم سلطانهم، ولا تمنعهم كثرتهم وقوتهم، من أن يلقوا الهزيمة في هذه الدنيا على يد هؤلاء الذين استضعفوهم واستبدّوا بهم، وهذا من أنباء الغيب التي حملها القرآن عزاء وبشرى للمؤمنين، إذ تلقّوا هذا الوعد الصادق الذي لا يخلف أبدا، فهوّن عليهم البلاء الذي هم فيه، وربط على قلوبهم بالصبر، انتظارا ليوم النصر، وقد جاء تأويل هذا في تلك الخاتمة التي ختمت بها حياة الكفر والكافرين، يوم فتح مكة، يوم جاء نصر اللّه والفتح، ودخل الناس في دين اللّه أفواجا.
هذا ما كان ينتظر الكافرين في الدنيا، التي ظنوا أنهم يمسكون منها بالسبب القوىّ الذي لا ينقطع.. أما في الآخرة فالأمر أدهى وأمرّ.. حيث تنتظرهم جهنم بسعيرها المتسعر، وعذابها الأليم.. {وَبِئْسَ الْمِهادُ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8